«1»
أملي في رقّاص الساعة المزدوج، حينما يقذف بعضه يميناً، فإن بعضه الآخر ينقذف يساراً، هؤلاء يؤمنون بالخراب، الدمار عندهم «فعل» متوقع لنشر الظلم والجور من أجل «رد فعل» منتظر ومتفق عليه؛ هو بسط عدل طائفة واحدة!، دوافعهم للتخلص من الإرهاب كبيرة وملحوظة، لا أشكُّ في هذا، لكنها دوافع دينية، ستنتصر أو تُهزم بالفيزياء أيضاً، وهو قانوننا لا قانونهم!، دوافع ستفرُغ بعد ذلك لانتاج دوافع جديدة لقتل نفسها ونفوسنا.
أنا وأنت الرقّاص المعاكس، الذي: يؤمن بامكانية السعادة الدنيوية والنهايات المسالمة ؛ ولايريد أن يطبق خارطة حرب العوالم الموعودة، وهذا وحده دافعٌ ممتاز لتحسس «الأمل».
«2»
إذا كنّا نظنّ بأنه يتاجر في «الدين»، لايُستحسن أن نتاجر في «ضد الدين»، لايحقّ لنا أن «نتاجر» أبدًا.
«3»
أخبرني!، كيف يمكن الفصل بين ثورين يتناطحان بضراوة، أعرف بأنك تظن أن الثور الأول محشور في الزاوية وحتى الجمهور يقذفه بالنبال، لكني أرى عكس ذلك، الحقيقة بأنني لا أرى، لأنني محض جنين في بطن الثور الأول، وأنت جنين في بطن الثور الثاني، أنا وأنت نترقب قرنًا أعمى يبقر هذه البطن ويقتلنا، أنا وأنت نختضُّ ونضطرب في هذه الأحشاء المظلمة ولانسمع إلا
أوجاعنا، أنا وأنت توأمان!، وهذا أمل.
«4»
أرى أنَّ لا أمل في «المثقف»، الأمل في « المثقف الثالث». المثقف الثالث كما يعرّفونه هو ذاك الذي يضمر حساً علمياً ومادياً في سلوكه اليومي، أكثر جدية مع العالم ويجمع بين ثقافة الأدب والعلم. بعض خرافات «المثقف» وصوفيّاته، بكائياته وخمريّاته، أحمق بكثير من خرافات رجل الدين الذي يدعي التضاد معه.
جرذ سارق وسمين في مطابخ النصوص والفنون، لاتتصور بأن انتهازيته وعدميته ستقوده إلى فهم مسؤولياته إلا من باب التنطع والمزايدة، غير
موهوب فلا تنتظر أن يبتكر لك حلاً.
«5»
أنا مثلك مأخوذ هذه الأيام بحمى الثرثرة، صرنا «نلغي ونرغي» يا زميلي الثور الصغير، لدينا سبورة زرقاء في داخل بطن الثور، نكتب جملة و«نشخبط» عليها حتى لاتُقرأ، نغلق رحم الثور الخنثى كي لايلفظنا نحو العالم، لانريده أن يلدنا، نريد أن نخرج بعد أن يتفسخ ويتحلل كما يرد ذلك في الكتب!، فحافظ رجاءً على مِنعة عالمنا الغائطي هذا، فالعالم الخارجي هو الجحيم.
«6»
لاتتحدث مثلهم عن تأريخ الإسلام المبكّر، عن الأئمة والصحابة والتابعين، عن الشقاق الكبير وسقيفة بني ساعدة. تفحّص ماوراء أذنيك أولاً، قبل أن تبحث عن القلم -الذي ضاع الآن- في مُتنَزه زرته قبل شهر، صفات منفّرة مثل الروافض والنواصب وألخ، صنعتها دعاية حرب الأعوام الثمانية، الحرب انتهت والجنود المفقودون تحولوا إلى ملح، لكن الدعاية تحولت إلى فطر سام.
أنا وأنت أبناء «الملح» المغلوب على أمره، غير أنّ قصتنا «حقيقية» على الأقل، وهذا أمل.
«7»
إذا بلغ بنا الإختلاف أن نتناطح أنا وأنت أيضاً، فهذا احتمالٌ مفرحٌ جدًا، الواثقون بأن هناك مؤامرة عالمية وأجندة كوكبية ضد الثور الأول، والموقنون بأن الثور الثاني مظلومٌ ومنتهك العرض والأرض، سيحبلون بنا!، مبروك!، سنتحول إلى بطن أخرى اسمها: هنا يُستبطَن حفنة من الأغبياء مثيري الشفقة والاشمئزاز.
الخلافات التي بيننا وجهات نظر صغيرة تغفرها مبادئ حرية الرأي، خلافات الثورين لايغفرها إلا هلاكهما معاً، وهذا أمل.